للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لهذا القائل أن يشبه ما حرم الله من الربا في كتابه بما أباح من العطايا علي غير عوض، فيقول: لما أبيح لي أن أهب مالي بطيب نفس من غير عوض، جاز لي أن أعطيه في أبواب الربا بعوض.

فإن قال: لا يجوز ذلك فلتعلم أنه قد أتى مثل ما أنكر في باب الربا حيث شبه قوله تعالى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: ٤] بما حرم في قوله: {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا} (١) الآية [البقرة: ٢٢٩].

وفي الحديث دلالة علي فساد قول من قال: لا يجوز له أخذ الفدية منها، حتى يكون من كراهته لها علي مثل ما هي عليه.

وهو قول طاوس والشعبي. وروي مثله عن القاسم بن محمد وسعيد بن المسيب. قال الطبري: وذلك أن امرأة ثابت .. فذكر الحديث، ولم يسأل ثابتًا هل أنت لها كاره كراهتها لك؟ فإن ظن أن قوله تعالى: {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا} الآية [البقرة: ٢٢٩]. يدل علي أن الزوج إنما أبيح له أخذ الفدية إذا خاف من كل واحد منهما -ببغض صاحبه- التقصير في الواجب له عليه، قيل له: هو خطاب لجميع المؤمنين، وكان معلومًا أن المرأة إذا أظهرت لزوجها البغضة لم يزل عنها النشوز والتقصير في حق زوجها.

وإذا كان كذلك لم يزل من زوجها مثل ذلك من التقصير في الواجب عليه (٢). ويروى عن ابن سيرين أنه قال: لا يحل للزوج الخلع حتى يجد علي بطنها رجلاً (٣). وهذا خلاف الحديث.


(١) "الإشراف" ١/ ١٩٤ بتصرف.
(٢) انظر: "شرح ابن بطال" ٧/ ٤٢٢.
(٣) رواه ابن أبي شيبة ٤/ ١٢٠ (١٨٤٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>