للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تأخير حقه أو وضعه عنه، وأن يشفع له في ذلك إليه، وذلك أنه - عليه السلام - شفع إلى بريرة وكلمها بعد تأخيرها وأعلمها مالها من القرار تحته أو الفراق، فقال: "لو راجعته".

الثالثة: أنه من يُسألُ من الأمور ما هو غير واجب عليه فعله فله ردُّ سائله وترك قضاء حاجته وإن كان الشفيع سلطانًا أو عالما أو شريفًا؛ لأنه - عليه السلام - لم ينكر علي بريرة ردَّها إياه فيما شَفع فيه، وليس أحد من الخلقِ أعلى رتبة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فغيره من الخلق أحرى أن لا يكون منكرًا رده فيما شفع فيه.

الرابعة: أن بغض الرجل للرجل المسلم علي وجه كراهة قربه والدنو منه علي غير وجه العداوة له، ولكن اختيارا للبعد منه لسوء خلقه، وخبث عشرته، وثقل (ظله) (١)، أو لغير ذلك مما يُكرِّه الناس بعضهم من بعض جائزٌ، كالذي ذكر من بغضة امرأة ثابت بن قيس بن شماس له مع مكانه من الدين والفضل لغير بأس، لكن لدمامة خلقه وقبحه، حتى افتدت منه وفرق الشارع بينهما، ولم ير أنها أتت مأثمًا، ولا ركبت معصية بذلك، بل عذرها وجعل لها (مخرجًا) (٢) من المقام معه، وسبيلًا إلى فراقه والبعد عنه، ولم يذمها علي بغضها له علي قبحه وشدة سواده، وإن كان ذلك جبلةً وفطرةً خلق عليها، والذي يبغض علي ما في القدرةِ تركهُ من قبيح الأحوال ومذموم العشرة أولى بالعذر وأبعد من الذم.

الخامسة: أنه لا بأس بالنظر إلى المرأة التي يريد خطبتها، وإظهار


(١) في الأصول: ظلمه. والمثبت هو الموافق للسياق كما في "شرح ابن بطال" ٧/ ٤٣٢.
(٢) من (غ).

<<  <  ج: ص:  >  >>