للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رغبته فيها، وذلك أنه - عليه السلام - لم ينكر علي زوج بريرة -وقد اختارت نفسها وبانت منه- إتباعه إياها في سكك المدينة باكيًا على فراقها، وإنْ ظنَّ أحد أن ذلك قبل اختيار بريرة نفسها، فقوله - عليه السلام - "لو راجعته" يدل أن ذلك كان بعد: بينونتها، ولو كان ذلك قبل بينونتها لقال لها: لو اخترتيه.

ولا خلاف بين الجميع أنَّ المملوكةَ إذا عُتقت وهي تحت زوج فاختارت نفسها أنها لا ترجع إلى الزوج الذي كانت تحته إلا بنكاح جديد، غير النكاح الذي كان بينها وبينه قبل اختيارها نفسها. فعُلم أنَّ قوله - عليه السلام - "لو راجعتيه" معناه: غير الرجعة التي تكون بين الزوجين في طلاق يكون للزوج فيه الرجعة، ولو كان ذلك معناه لكان ذلك إلى زوج بريرة دونها، ولم يكن لزوجها حاجةٌ أن يستشفع برسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أن تراجعه.

السادسة: أنه لا حرج علي مسلم في هوى امرأة مسلمة وحبه لها، ظهر ذلك أو خفي، ولا إثم عليه في ذلك، وإن أفرط مالم يأت محرمًا، وذلك أن مغيثًا كان يتبعها بعد ما بانت منه في سكك المدينة، مبديًا لها ما يجده من نفسه من فرط الهوى وشدة الحب، ولو كان قبل اختيارها نفسها لم يكن - عليه السلام - يقول لها: "لو راجعتيه" لأنه لا يقال لامرأة في حبال رجل وملكه بعصمة النكاح: لو راجعتيه، وإنما يُسأل المراجعة المفارقُ لزوجته.

وإذا صح ذلك فغير ملوم من ظهر منه فرط هوى امرأةٍ يحل له نكاحها، نكحته (بعد ذلك) (١) أم لا، [ما] (٢) لم يأتْ محرمًا ولم يَغْشَ مأثمًا.


(١) من (غ).
(٢) زيادة يقتضيها السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>