للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

له أن يطأ حتى يُكفِّر وجب أن يكون العَوْد هو العزم على الإمساك وعلى الوطء جميعًا، لو كان الظهار يحرم الإمساك حتى يكون العود إليه راجعًا لكان طلاقًا؛ لأن الإمساك إذا حرم ارتفع العقد، وما يرفع النكاح إنما هو الطلاق، ولو كان الظهار كذلك لكانت الكفارة لا تدخله ولا تصلحه؛ لأن الفراق (لا يرتفع) (١) بالكفارة.

ولما صح ذلك ثبت أن الكفارة تبيح العَوْد إلى ما حرمه الظهار من الوطء والعزم عليه، ألا ترى أنه إذا حلف ألا يطأها فقد حرم وطؤها دون إمساكها. فإذا فعل الوطء فقد خالف ما حرمته اليمين، فكذلك الظهار.

ومن ظاهر فإنما أراد الإمساك دون الطلاق؛ فكذلك لم يكن العود هو الإمساك. واحتج أهل الظاهر بأن قالوا: كل موضعٍ ذكر الله فيه العود للشيء فالمراد به العود نفسه، ألا ترى أنه أخبر عن الكفار أنهم لو رُدوا لعادوا لما نهوا عنه، وقال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ} [المجادلة: ٨] فكذلك العود هنا، فيقال لهم: العود في الشيء يكون في اللغة بمعنى المصير إليه كما تأولتم، ويكون أيضًا بمعنى (الرجوع) (١) كما قال - عليه السلام -: "العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه" أراد به: الناقض لهبته، وهذا تفسير الفراء في العود المذكور في الآية أنه الرجوع في قولهم، وعن قولهم (٢).

قال إسماعيل: ولو كان معنى العود أن يلفظوا به مرة أخرى لما وقع بعده {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: ٣] لأنه لم يذكر للمسيس سبب فيقال من أجله: {قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} وإنما ذكر التظاهر وهو ضد المسيس والمظاهر إنما حرم على نفسه المسيس، فكيف يقال له: إذا


(١) من (غ).
(٢) "معاني القرآن" ٣/ ١٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>