وذكر الطبري: أنه قول أبي الشعثاء جابر بن زيد، واحتج أهل هذِه المقالة بقول عويمر:(كذبت عليها إن أمسكتها، فطلقها ثلاثًا).
(قالوا)(١): ولم ينكر النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك عليه، ولم يقل له: لم قلت وأنت لا تحتاج إليه؟ لأنها باللعان قد طلقت. فقال لهم مخالفوهم: لا حجة لكم في حديث عويمر؛ لأن قوله ذلك وطلاقه إنما كان منه؛ لأنه لم يظن أن الفرقة تحصل باللعان، ولو كان عنده أن الفرقة تحصل بها لم يقل هذا، وقد جاء في حديث ابن عمر وابن عباس بيان هذا أنه - عليه السلام - فرق بينهما. وقال:"لا سبيل لك عليها" فطلاق عويمر لها لغو، ولم ينكر ذلك الشارع؛ لأنه يحتمل أن يكون العجلاني أراد التأكيد، أي أنها لو لم تقع الفرقة وأمسكها فهي طالق ثلاثًا.
فإن قال من يذهب إلى قول البتي قول ابن عمر وابن عباس أنه - عليه السلام - فرق بين المتلاعنين إنما كان في قصة عويمر، وكان طلاقها بعد اللعان فكذلك فرق بينهما.
وقد روى ابن شهاب عن سهل بن سعد قال: فطلقها العجلاني ثلاث تطليقات، فأنفذه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
قال الطبري: يحتمل أنه فرق بينهما بعد اللعان ثم طلقها ثلاثًا حتى يكون تفريقه - عليه السلام - واقعًا موقعه على ما روى ابن عمر، وقد قال الأكثرون: لا يجوز أن يمسكها ويفرق بينهما، وقد استحب الشارع الطلاق بعد اللعان ولم يستحبه قبله، فعلم أن اللعان قد أحدث حكمًا.