وقال في رواية ابن عباس:"لولا، ما مضى من كتاب الله لكان لي ولها شأن" فأخبر بصفتين في إحداهما دلالة صدق الزوج، ولم يستعمل الدلالة، وأنفذ عليها ظاهر حكم الله، ولو جاءت دلالة كذب الزوج لكان لا يستعمل الدلالة أيضًا وأنفذ ظاهر الحكم، لكنه -والله أعلم- ذكر غلبة الأشباه الدالة على صدق أحدهما حتى إذا لم تكن حجة أقوى منها يستدل بها في إلحاق الولد بأحد المتلاعنين عند الاشتباه، وأخبر بأنه إنما منعه من استعمالها هنا ما هو أقوى بها، وهو حكم الله باللعان؛ لا أنها أتت به على الصفة الأولى كان يلحقه بالزوج.
وكيف يجوز أن يسوي الأخبار على مذهبه وهو ذا لا يسوي أن يستدل بهذا على أنه لم يكن مقصود الزوج نفي الحمل. وفيما ذكرنا من الأخبار أنها كانت حاملًا وأنه أنكر حملها، وأن الشارع لاعن بينهما قبل وضع الحمل، ثم ألحقه بأمه ونفاه عنه، وعنده الولد في مثل هذا يلحق به لكل حال، أشبهه أولم يشبهه، ونحن لا نرى خلافًا للحديث أبين من هذا، والله المستعان (١).
فصل:
فيه دليل أيضًا على أن الزوج إذا التعن لم يكن للرجل الذي رماه بامرأته عليه حد.
قال الشافعي: إذا أكمل الزوج الشهادة والالتعان فقد زال فراش امرأته ولا تحل له أبدًا بحال، وإن أكذب نفسه لم تعد إليه، وإنما قلت هذا؛ لأن سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"الولد للفراش" فلا يكون فراشًا