وأما فساده من جهة النظر فإن اللعان وضع بين الزوجين لمعنى، وهو أن لا يلحق به ولد ليس منه، فالضرورة داعية إلى حصول اللعان في هذِه الحال، وقد جعل اللعان لدفع العار عما يلحقه فهو محتاج إليه.
وقد زعم أبو حنيفة أن رجلاً لو اشترى جارية فوجدها حاملًا أن ذلك عيب ترد به، فإن كان الحمل لا يوقف عليه فكيف يرد لانتفاء العلم به، وإن كان يوقف عليه فيلاعن.
فصل:
قوله: ("إن جاءت به أحمر") إلى آخره فيه المنع من الحكم على عباده بالظنون والتهم كما سلف، وأنه جعل الأحكام بينهم على ما ظهر دون ما بطن، وأنه وكل الحكم في سرائرهم وما خفي من أمورهم إليه دون سائر خلقه، وأنه لو كان لأحد من ذي سلطان أو غيره أخذ أحد بغير الظاهر لكان أولى الناس بذلك سيد الأمة، لعلمه بكثير من سرائرهم، ولكنه كان لا يأخذ أحدًا إلا بما ظهر من أمره وتبين للناس منه، وكذلك كان يقبل ظاهر ما يبديه المنافقون ولا يأخذهم بما يبطنون مع علمه بكذبهم، وكان يجعل لهم بظاهر ما يظهرونه من الإقرار بتصديقه والإيمان بما جاء به من عند الله حكم الله في المناكحة والميراث والصلاة عليهم إذا ماتوا وغير ذلك من الأمور، فكذلك الواجب على كل ذي سلطان أن يعمل في رعيته مثل الذي عمل به الشارع فيمن وصفت ممن كان يظهر قولًا وفعلًا من أخذ بما يظهر من القول والعمل، دون أخذه بالظنون والتهم التي يجوز أن تكون حقًّا، ويجوز أن تكون باطلاً.