قولها لمروان: دع عنك حديث فاطمة فإن لها شأنًا وقالت: ألا تتقي الله فاطمةُ، علمت يقينًا أنها عرفت قصتها كيف كانت.
وقول مروان لعائشة: إن كان بك من الشر فحسبك ما بين هذين من الشر. يدل أن فاطمة إنما أمرت بالتحويل إلى الموضع الذي أمرت به لشر كان بينها وبينهم. وإذا كان الشر والشقاق واقعًا بين الزوجين جاز للحاكم أن يبعث إليها حكمين يكون لهما الجمع بينهما أو الفرقة. فكان تحويل المعتدة من مسكن إلى مسكن إذا وقع الشر أحرى أن يجوز.
وقد روي في قوله تعالى:{لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} أحاديث: فمنهم من ذهب إلى أن الفاحشة البذاء وسوء الخلق، وهذا يشبه قول مروان السالف. وقد روي غير ذلك على ما يأتي ذكره في الباب بعد.
قال المهلب: في إنكار عائشة على فاطمة فتياها بما أباح لها الشارع من الانفصال وترك السكنى ولم تخبر بالعلة فيه: أن العالم لا يجب أن يفتي في المسألة إذا لم يعرف معناها كما لم تعرف فاطمة الوجه الذي أباح الشارع إخراجها من أجله من مسكنها، فتوهمت أنه ليس لها بهذا سكنى (١).
واحتج من قال بوجوب السكنى دون النفقة بقوله تعالى:{أَسْكِنُوهُنَّ} إلى قوله: {حَمْلَهُنَّ} فلو كانت النفقة تجب كما تجب السكنى لما كان لاختصاص النفقة للحامل معنى، فلما وقع الاختصاص وجب أن لا نفقة للمرأة إذا لم تكن حاملاً، ووجب أيضًا