للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد ذكرها ابن أبي صفرة أن النهي عن ذلك فيها قطعًا للذرائع؛ لأن ذلك من دواعي التزويج التي مُنعت منه حتى تخرج من العدة؛ احتياطًا للميت إذ قد زالت مراعاته لها، لكن إذا دخل على الناس المشقة من قطعها رفعت عنهم، ودلت إباحته ليلاً أن نهيه عنه ليس على التحريم، وإنما هو على التنزيه، فمن شاء أخذ بالشدة على نفسه كما فعلت صفية بنت أبي عبيد في ترك الكحل حتى كادت عيناها ترمضان، ومن شاء أخذ بالرخص فيه، فقد أجازه جماعة من السلف (١).

ذكر مالك في "الموطأ" أنه بلغه عن سالم بن عبد الله وسليمان بن يسار أنهما أجازا للمتوفى عنها زوجها إذا خشيت على بصرها من شكوى بها أن تكتحل وتتداوى بما فيه طيب. قال مالك: فإذا كانت الضرورة فإن دين الله يسر (٢).

وقد قال في "المختصر الصغير": لا تكتحل إلا أن تضطر إليه من غير طيب يكون فيه. وقال الشافعي: كل كحل فيه زينة للعين مثل الإثمد وشبيهه لا خير فيه، وأما الفارسي وشبهه عند الضرورة فلا بأس به؛ لأنه ليس بزينة بل يزيد العين قبحًا، وما اضطر إليه مما فيه زينة اكتحلت ليلاً ومحته نهارًا. واحتج ببلاع مالك عن أم سلمة.

قال الشافعي: في الصبر يصفر العين فيكون زينة وليس بطيب، فأذن لها - عليه السلام - فيه ليلاً؛ حيث لا ترى. وكذلك ما أشبهه (٣).


(١) انظر: "شرح ابن بطال" ٧/ ٥١٠.
(٢) "الموطأ" ص ٣٧٠.
(٣) "الأم" ٥/ ٢١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>