للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال ابن حبيب: وكذلك حكم - عليه السلام - على فاطمة بالخدمة الباطنة من خدمة البيت، وحكم على علي بالخدمة الظاهرة، وقال بعض شيوخي: لا يعرف في شيء من الأخبار الثابتة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى على فاطمة بالخدمة الباطنة، وإنما كان نكاحهن على المتعارف من الإجمال وحسن العشرة، وأما أن تجبر المرأة على شيء من الخدمة فليس له أصل في السنة، بل الإجماع منعقد على أن على الزوج مؤنة الزوجة كلها (١).

وقال الطحاوي: لم يختلفوا أن المرأة ليس عليها أن تخدم نفسها، وأن على الزوج أن يكفيها ذَلِكَ، وأنه لو كان معها خادم لم يكن للزوج إخراج الخادم من بيته، فوجب أن تلزمه نفقة الخادم على حسب حاجتها إليه (٢).

وذكر ابن عبد الحكم عن مالك أنه ليس على المرأة خدمة زوجها (٣).

وقال الطبري: في هذا الحديث: الإبانة على أن كل من كانت به طاقة من النساء على خدمة نفسها في خبز أو طحين وغير ذَلِكَ مما تعانيه المرأة في بيتها ولا تحتاج فيه إلى الخروج أن ذَلِكَ موضوع عن زوجها إذا كان معروفًا لها أن مثلها تلي ذَلِكَ بنفسها، وأن زوجها غير مأخوذ بأن يكفيها ذلك كما هو مأخوذ في حال عجزها عنه، إما بمرض أو زمانة أو شبه ذَلِكَ، وذلك أن فاطمة لما شكت ما تلقى في يدها من الطحن والعجين إلى أبيها - عليه السلام -، وسألته خادمًا؛ ليعينها على ذَلِكَ، لم يأمر زوجها عليًّا بأن يكفيها ذَلِكَ، ولا ألزمه وضع مؤنة


(١) انظر تمام كلام ابن حبيب في "شرح ابن بطال" ٧/ ٥٣٩.
(٢) "مختصر اختلاف العلماء" ٢/ ٣٧١.
(٣) انظر: "النوادر والزيادات" ٤/ ٦١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>