للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذَلِكَ عنها إما بإخدامها أو استئجار من يقوم بذلك، بل قد روي أنه قال: "يا بنية، اصبري؛ فإن خير النساء التي نفعت أهلها" (١) وفيه مِنْهُ (٢) - عليه السلام -: دليل على أن فاطمة مع قيامها بخدمة نفسها كانت تكفي عليًّا بعض مؤنه من الخدمة، ولو كانت كفاية ذَلِكَ على عليّ لكان قد تقدم إلى عليّ في كفائها ذَلِكَ كما تقدم إليه إذ أراد الابتناء بها أن يسوق إليها صداقها حين قال له: "أين درعك الحطمية؟ " (٣) وغير ذَلِكَ أنْ يُعَلَّمَ الشارعُ أمته الجميل من محاسن الأخلاق ويترك تعليمهم الفروض التي ألزمهم الله، ولا شك أن سوق الصداق إلى المرأة في حال إرادته الابتناء بها غير فرض إذا رضيت بتأخيره عن زوجها.

فإن قلت: يلزم الرجل إذا كان ذا سعة كفاية زوجته الخدمة إذا كانت المرأة ممن يخدم مثلها، قيل: حكم من كان كذلك من النساء حكم ذوات الزمانة، والعاهة منهن اللواتي لا يقدرن على خدمة.

ولا خلاف بين أهل العلم أن على الرجل كفاية من كان منهن، فكذلك ألزمنا الرجل كفاية التي لا تخدم نفسها مؤنة الخدمة التي لا تصلح لها، وألزمناه مؤنة خادم إذا كان في سعة.

وبنحو الذي قلنا نزل القرآن، وذلك قوله تعالى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللهُ لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا} وعليه علماء الأمة مجمعة.

وشذ أهل الظاهر عن الجماعة فقالوا: ليس عليه أن يخدمها إذا كان موسرًا أو كانت ممن لا يخدم مثلها.


(١) رواه بنحوه عبد الرزاق في "المصنف" ١١/ ٣٠٠ (٢٠٥٩٤).
(٢) أي من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث.
(٣) رواه أبو داود (٢١٢٥)، النسائي ٦/ ١٢٩ - ١٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>