للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عبد الحكم أن ما أصاب هذِه من نثر الدماغ والحشوة أو قرض المصران أو شق الأوداج وانقطاع النخاع فلا يؤكل وإن ذكيت، فأما كسر الرأس ولم ينثر الدماغ أو شق الجوف ولم تنتثر الحشوة ولا انشق المصران أو كسر الصلب ولم ينقطع النخاع، فهذِه تؤكل إن ذكيت إن أدرك الروح فيها ولم تزهق أنفسها، فإن لم يكن من هذِه المقاتل شيء ويئس لها من الحياة، وأشكل أمرها فذبحت فلا تؤكل وإن طرفت بعينها واستفاض نفسها عند الذبح، وقد كان أصبغ وابن القاسم يحلان أكلها ولا يريان دق العنق مقتلًا حتى ينقطع النخاع، قالا: وهو المخ الأبيض الذي في داخل العنق والظهر، وليس النخاع عندنا إلا دق العنق وإن لم ينقطع المخ. كذلك قال ابن الماجشون ومطرف عن مالك، قال ابن حبيب: وأما انكسار الصلب ففيه يحتاج إلى انقطاع المخ الذي في الفقار، فإن انقطع فهو مقتل وإن لم ينقطع فليس بمقتل؛ لأنه قد يبرأ على حدث ويعيش، وقال أبو يوسف والحسن بن حي بقول ابن الماجشون وابن عبد الحكم قالا: إذا بلغ التردي وشبهه حالاً لا تعيش من مثله لم تؤكل وإن ذكيت قبل الموت.

واحتج ابن حبيب لهذا القول فقال: تأويل قوله تعالى: {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: ٣] يعني: في الحياة القائمة فمات بتذكيتكم لا في حال اليأس منها (١)؛ لأن الذكاة لا تقع عليها وإن تحركت؛ لأن تلك الحركة إلى الموت من الذي قد سبق إليها؛ لأنه هو الذي أماتها، فإجراء الشفرة عليها وتلك حالها لا يحلها ولا يذكيها، كما أن


(١) "النوادر والزيادات" ٤/ ٣٦٩ - ٣٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>