وفيه: منع الاصطياد بالبندق إما محرما وإما كراهة، وبه قال بعض مصنفي الشافعية، وفي بعض المتأخرين جوازه، واستدل على ذلك بحديث الاصطياد بالكلب غير المعلم؛ لأن فيه وفي الاصطياد بقوس البندق تعرض الحيوان للموت من غير مأكله، ومقتضى حديث ابن مغفل جواز الاصطياد به وذكاته، أخذها من أن العلة في النهي على مقتضى الحديث أنه لا ينكأ به العدو ولا يقتل الصيد.
فمقتضى مفهوم هذا أن ما ينكأ العدو ويقتل الصيد لا نهي فيه؛ لزوال علة النهي، وهذا دليل مفهوم.
ولصيد المعراض ثلاثة أحوال: اثنان: ما يباح بهما الأكل وهما: إذا أصاب بحده ولم يدرك ذكاته، أو أصاب بعرضه وأدركت ذكاته، والثالث: لا يباح، وهو ما إذا أصاب بعرضه ولم يدرك ذكاته.
والصيد بقوس البندق ليس فيه إلا حالتان: الإباحة: وهي إدراك ذكاته، والمنع: وهو عدمها؛ إذ لا محدد فيه، ووقوع واحد من ثلاثة أقرب من وقوع واحد من اثنين، فكان صيد المعراض أولى بالجواز من الصيد بالقوس المذكور.
فائدة:
قال عياض في "مشارقه": قوله: "لا ينكأ العدو" كذا الرواية بفتح الكاف مهموز الآخر، وهي لغة، والأشهر: ينكى في هذا ومعناه المبالغة في أذاه (١)؛ وقال في "إكماله": رويناه مهموزًا قال: وفي بعض الروايات: ينكى. بفتح الياء وكسر الكاف غير مهموز وهو أوجه هنا؛ لأن المهموز إنما هو من نكأت القرحة، وليس هذا