للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حتف أنفه ولفَظَهُ البحرُ ميتًا ولا يؤكل من البحر غير السمك. وقال مالك: يؤكل كل حيوان في البحر، وهو حلال -حيًّا كان أو ميتًا- وهو قول الأوزاعي (١) وابن حزم قال: سواء وجد حيًّا أو ميتًا طفا أو لم يطف أو قتله حيوان بري أو بحري، أو مجوسي، أو وثني، أو غيرهما، وسواء خنزير الماء وإنسانه أو كلبه حلال وخالف في ذلك أبو حنيفة وقاله أيضًا الليث (٢)، وأجاز الشافعي خنزير الماء (٣)، وكرهه مالك أي: من غير تحريم. قاله ابن القصار، وكذا قال ابن القاسم: لا أُراه حرامًا (٤).

وحديث الباب حجة على الكوفيين ومن وافقهم؛ لأن أبا عُبيدة في أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكلوا الحوت الذي لفظه البحر ميتًا، ولا يجوز أن يخفى عليهم وجه الصواب في ذلك وأكلوا الميتة وهم ثلثمائة رجل.

وقال بعض المالكية: إنهم لم يأكلوه على وجه ما يؤكل عليه الميتة عند الضرورة إليها، وذلك أنهم قاموا عليه أيامًا تأكلون منه والمضطر إلى الميتة إنما يأكل منها ثم ينتقل بطلب المباح.

وقوله: ({أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ}) يقتضي عمومه إباحة كل ما في البحر من جميع الحيوان حوتًا كان أو غيره مما يصطاد خنزيرًا كان أو كلبًا أو ضفدعًا، ويشهد لذلك الحديث المشهور "هو الطهور ماؤه الحل ميتته" أخرجه أحمد وأصحاب السنن الأربعة من حديث أبي هريرة (٥)، وصححه


(١) "شرح ابن بطال" ٥/ ٤٠٠.
(٢) "المحلى" ٧/ ٣٩٣ - ٣٩٤.
(٣) انظر "مختصر اختلاف العلماء" ٣/ ٢١٤، "الاستذكار" ١٥/ ٣٠٥.
(٤) "المدونة" ١/ ٤٢٠، وانظر "شرح ابن بطال" ٥/ ٤٠٠.
(٥) أبو داود (٨٣)، والترمذي (٦٩)، والنسائي ١/ ٥٠، وابن ماجه (٣٨٦)، وأحمد ١٢/ ١٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>