للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فصل:

قد أسلفنا أن هذا الحديث عمدتنا في أن التسمية في الابتداء ليست شرطًا، وكذا قال المهلب: هذا أصل في أن التسمية في الذبح ليست بفرض، ولو كانت فرضًا لاشترطت على كل حال. والأمة مجمعة على أن التسمية على الأكل مندوب إليها، وليست فرضًا، فلما نابت عن التسمية على الذبح دلّ أنها سنة؛ لأنه ينوب عن فرض، وهذا يدل أن حديث عدي، وأبي ثعلبة (١) محمولان على التنزيه من أجل أنهما كانا صائدين على مذهب الجاهلية، فعلمهما أمر الصيد والذبح دقيقه وجليه لئلا يواقعا شبهة من ذلك، ويأخذا بأكمل الأمور في بدء الأمر، فعرفهم - عليه السلام -. وهؤلاء القوم جاءوا مستفتين لأمر قد وقع ويقع من غيرهم ليس لهم فيه قدرة على الأخذ بالكمال في بدئه، فعرفهم بأصل ما أحله الله لهم ولم يقل لعدي: إنك إن فعلت فإنه حرام، ولكن قال له: "لا تأكل فإني أخاف".

فأدخل عليه الشبهة التي يجب التنزه عنها والأخذ بالأكمل قبل مواقعتها، ويدل على صحة هذا المعنى- أنه قد يستدل قبل وقوع الأمر ولا يشهد بعده- قضية اللعن (٢) لشارب الخمر (٣) قبل شربها، ونهيه عن اللعنة بعده بقوله: "لا تعينوا الشيطان على أخيكم" (٤) وقال


(١) حديث عدي سلف برقم (٥٤٨٧)، وحديث أبي ثعلبة الخشني سلف أيضًا برقم (٥٤٨٨). باب: ما جاء في التصيد.
(٢) هكذا في الأصل، والعبارة في "شرح ابن بطال" ٥/ ٤١٣: أنه قد يشتد قبل وقوع الأمر، ولا يشتد بعد وقوعه: قصةُ اللعن.
(٣) رواه أبو داود (٣٦٧٤)، وابن ماجه (٣٣٨٠) من حديث ابن عمر.
(٤) سيأتي برقم (٦٧٧٧) كتاب: الحدود، باب: الضرب بالجريد والنعال.

<<  <  ج: ص:  >  >>