ابن التين: يحتمل أن يراد بالتسمية هنا عند الأكل؛ لأن ذلك مما يثني عليهم من التكلف وأما التسمية على ذبح تولاه غيرهم من غير علمهم فلا تكليف عليهم وإنما يحمل على الصحة إذا تبين خلافهما ويحتمل أن يريد أن تسميتكم الآن تستبيحون بها أكل ما لم تعلموا أَذكروا اسم الله عليه أم لا؟ إذا كان الذابح ممن تصح ذبيحته إذا سمى.
وفيه: أن ما في الأسواق من اللحم محمول على الصحة وكذا ما ذبحه الأعراب؛ لأن الغالب أنهم عرفوا التسمية وعلى ذلك عمل المسلمين، وقال أبو عمر بن عبد البر: فيه من الفقه أن ما ذبحه المسلم ولم يعرف هل سمى الله عليه أم لا؟ لا بأس بأكله وهو محمول على أنه قد سمى، والمؤمن لا يُظن به إلا الخير وذبيحته وصيده محمول على السلامة حتى يصح فيه غير ذلك من تعمد ترك التسمية ونحوه.
وقد قيل في معنى هذا الحديث أنه - عليه السلام - أمرهم بأكلها في أول الإسلام قبل أن ينزل عليه:{وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ}[الأنعام: ١٢١] وهو قول ضعيف لا دليل على صحته، ولا يعرف وجه ما قال قائله، وفي الحديث نفسه ما يرده؛ لأنه أمرهم فيه بالتسمية على أكله فدل على أن هذِه الآية كانت نزلت عليه ومما يدل على بطلان هذا القول (أن)(١) هذا الحديث كان بالمدينة، وأن أهل باديتها هم المشار إليهم ولا يختلف العلماء أن هذِه الآية نزلت في سورة الأنعام بمكة.
وقام الإجماع على أن التسمية على الأكل للتبرك لا مدخل فيها