قال: وهو قول أبي حنيفة والثوري والشافعي وأبي ثور وأحمد وإسحاق وأصحابهم وأصحابنا.
وقال مالك: لا يجوز أن تذكى أصلاً إلا في الحلق واللبة (١)، وهو قول الليث وربيعة، وقد سلف الكلام فيه.
وقال ابن بطال: اختلف العلماء في الإنسي الذي لا يحل إلا بالذكاة في الحلق واللبة إذا توحش فلم يقدر عليه أو وقع في بئر فلم يوصل إلى حلقه ولبته.
فذهبت طائفة من العلماء إلى أنه يقتل بما يقتل به الصيد، ويجوز أكله، روى ذلك البخاري عن خمسة من الصحابة كما بينتهم لك، وقاله من التابعين: عطاء وطاوس.
ومن الفقهاء: الثوري وسائر الكوفيين والثلاثة ومن سلف، وقال ابن المسيب: لا تكون ذكاة كل إنسية إلا بالذبح والنحر وإن تردت لا تحل بما يحل به الصيد.
حجة الأولين: حديث الباب، وموضع الدلالة منه من وجهين:
أحدهما: عدم إنكاره - عليه السلام - عليه الرمي بما أقره عليه وإباحة مثل ذلك الرمي بأن قال:"اصنعوا به هكذا"، ومن خالفنا لا يجيز رميه.
ثانيهما: قوله: ("إن لها أوابد"). والشارع ما يعلمنا اللغة وإنما يعلمنا الحكم فعلم أنه أراد أنه يصير حكمه حكم الوحشي في الذكاة، ومن جهة القياس أنه إذا كان الوحشي إذا قدرنا عليه لا يحل به الإنسي وكذلك الإنسي إذا توحش وامتنع أن يحل بما يحل به الوحشي.