قوله في حديث مالك:(نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام خيبر عن المتعة ولحوم الحمر الإنسية).
قال بعض العلماء: لم يروِ هذا الحديث هكذا غير مالك وإنما قالوا في روايتهم نهى عن متعة النساء، وعن أكل لحوم الحمر يوم خيبر؛ لأن تحريم المتعة إنما كان يوم الفتح عام ثمان وخيبر قبل ذلك عام ست أو سبع ولا يبعد أن يكون أعلمهم يوم الفتح بما كان قدمه من التحريم؛ لأنهم كانوا كفارًا فلما فتح مكة وأسلم أهلها أعلمهم بتحريم ذلك؛ لأنه كان عندهم حلالًا في الجاهلية، وانفصل الداودي بأن قال: نهى عن لحوم الحمر يوم خيبر وعن متعة النساء. يريد في يوم آخر، ولا يصح هذا التأويل في رواية مالك السالفة، فقدم المتعة.
فصل:
فقهاء الأمصار مجمعون على تحريم الحمر، وروي خلافه عن ابن عباس فأباح أكلها، وروي مثله عن عائشة والشعبي وقد روي عنهم خلافه. قال الطحاوي: وقد افترق الذين أباحوا أكلها على مذاهب في معنى نهيه - عليه السلام - عن أكلها. فقال قوم: إبقاء على الظهر لا التحريم، ورووا في ذلك حديث يحيى بن سعيد عن الأعمش قال: عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: قال ابن عباس: ما نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكل لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر إلا من أجل أنها ظهر.
وابن جريج، عن نافع، عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكل الحمار الأهلي يوم خيبر، وكانوا قد احتاجوا إليها. فكان من الحجة عليهم أن جابرًا قد أخبر أنه - عليه السلام - أطعمهم