ولا يَصح أن يقال: إنه استطاب نفوسهم، ووقفها برضاهم، فإنهم قد نازعُوه في ذلك، وهو يأبى عليهم، ودعا على بلالٍ وأصحابه - رضي الله عنهم - وكان الذي رآه وفعله عين الصواب ومحض التوفيق، إذ لو قُسمت، لتوارثها ورثة أولئك وأقاربهم، فكانت القرية والبلد تصير إلى امرأة واحدة، أو صبي صغير، والمقاتلة لا شيء بأيديهم، فكان في ذلك أعظمُ الفساد وأكبره، وهذا هو الذي خاف عمر - رضي الله عنه - منه، فوفقه الله سبحانه لترك قسمة الأرض، وجعلها وقفًا على المقاتلةِ تجري عليهم فيئًا حتى يغزو منها آخرُ المسلمين، وظهرت بركةُ رأيه ويُمنه على الإسلام وأهله، ووافقه جمهور الأئمة. (١) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" ١٢/ ٣٣. (٢) انظر المرجع السابق. (٣) انظر: "إِحكام الأحكام" ص ٤٦٠. (٤) رواه مسلم (١٧٨٠)، كتاب: الجهاد والسير، باب: فتح مكة، وأبو داود (٣٠٢٤)، والنسائي في "الكبرى" ٦/ ٣٨٢ - ٣٨٣ (١١٢٩٨)، والطيالسي ٤/ ١٨٨ (٢٥٦٤)، وأحمد ٢/ ٢٩٢، وابن خزيمة ٤/ ٢٣٠ (٢٧٥٨)، وابن حبان ١١/ ٧٥ (٤٧٦٠)، والبيهقي في "السنن" ٩/ ١١٧، وفي "دلائل النبوة" ٥/ ٥٥ - ٥٦، من حديث أبي هريرة.