فيه رد على الكوفيين في قولهم: إن الخمر من العنب خاصة وأن كل شراب يتخذ من غيره فغير محرم ما دون السكر منه، وهذا التفسير من عمر مقنع كما قال المهلب: ليس لأحد أن يسود فيقول إن الخمر من العنب وحده؛ فهؤلاء الصحابة فصحاء العرب والفهماء عن الله ورسوله قد فسروا عين ما حرم الله، وقال: إن الخمر من خمسة أشياء، وقد أخبر الفاروق بذلك حكايته عما نزل من القرآن وتفسيرًا للجملة وقال: الخمر ما خامر العقل، وخطب بذلك على منبره - عليه السلام - بحضرة الصحابة من المهاجرين والأنصار وغيرهم ولم ينكره أحد فصار كالإجماع.
وهذا ابن عمر يقول: حرمت الخمر وما بالمدينة منها شيء، يعني: خمر العنب فإنه المشهور باسمها، وكذا قول أنس وما يجد خمر الأعناب إلا قليلاً، وممن روي عنه من الصحابة أن الخمر تكون من غير العنب وإن كان لا يخالف، فيهم عمر وابنه وعلي وأبو موسى وابن عباس وأبو هريرة وسعد وعائشة.
ومن التابعين سعيد بن المسيب وعروة وعمر بن عبد العزيز في تابعي أهل المدينة من أهل الكوفة ابن مسعود روى عنه في نقيع التمر أنه خمر، وبه قال الشعبي وابن أبي ليلى والنخعي والحسن البصري وعبد الله بن إدريس الأودي وسعيد بن جبير وطلحة بن مصرف، كلهم قالوا: المسكر خمر، وهو قول مالك والأوزاعي والثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق وعليه أهل الحديث.
وروى صفوان بن محرز قال: سمعت أبا موسى على المنبر يقول: ألا أن خمر أهل المدينة البسر والتمر وخمر أهل فارس العنب، وخمر