للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إِذَا تقرر ذَلِكَ فالكلام عليه من وجوه:

أحدها: معنى: "فَلْيَتَبَوَّأْ (مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ) (١) " فليتخذ، وقال الخطابي: تبوأ بالمكان إِذَا أخذه موضعًا لمقامه، وأصله من مباءة الإبل، وهي أعطانها (٢).

والمعنى بالحديث: لينزل منزله منها، وإن كان بلفظ الأمر فمعناه:

الخبر. أي: أن الله يبوؤه مقعده من النار، أو أنه استوجب ذَلِكَ واستحقه فليوطن نفسه عليه. ويوضحه ما جاء في بعض طرق مسلم (٣)، وفي حديث علي السالف: "فليلج النار" وقيل: معناه: التهديد والوعيد.

وقال الطبري: هو عَلَى معنى الدعاء منه - صلى الله عليه وسلم - أي: بوأه الله ذَلِكَ والمعنى: أنَّ هذا جزاؤه وقد يعفي عنه، وكل ما جاء من الوعيد بالنار لأهل الكبائر غير الكفر ينزل عَلَى هذا ومنه: "لا يدخل الجنَّةَ نَمَّام" (٤) أي: جزاؤه أن لا يدخل الجنة.

ثانيها: الكذب عند الأشاعرة: الإخبار عن الشيء عَلَى خلاف ما هو عليه، وإن كان سهوًا، واشترطت فيه المعتزلة العمدية، ودليل الخطاب في هذِه الأحاديث عليهم؛ لأنه يدل عَلَى أن من لم يتعمد يقع عليه اسم


(١) زيادة من (ج).
(٢) "أعلام الحديث" ١/ ٢١٢.
(٣) "صحيح مسلم" (٣) المقدمة، باب: تغليظ الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
(٤) رواه مسلم (١٠٥) كتاب: الإيمان، باب: بيان غلظ تحريم النميمة.
وأحمد ٥/ ٣٩١، ٣٩٦، وابن أبي الدنيا في "الصمت" ص ١٥٣ (٢٥١)، والبزار في "مسنده" ٧/ ٣٠١ (٢٨٩٨)، والدولابي في "الكنى" ١/ ١٨٤ (٦٢٥) ترجمة: محمد بن أبي إسماعيل. والبيهقي في "الشعب" ٧/ ٤٩٢ - ٤٩٣ (١١١٠١).
- والخطيب في "تاريخ بغداد" ٦/ ٢٦٣ (٣٢٩٥) ترجمة: إسماعيل بن إبراهيم الخراساني.