للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولئن سلمنا صحة الكراهة فيكون محمولًا على الإرشاد والتأديب لا على التحريم، كما ذكره الطبري في "تهذيبه"؛ قال: ولم يرد أحد الخبرين ناسخًا للآخر، ولا يجوز أن يكون منه - عليه السلام - تحريم شيء بعد إطلاقه أو عكسه، ثم لا يعلم أمته أي ذلك الواجب عليهم العمل به.

وقد روي في سبب النهي عن ذلك حديث فيه نظر رواه بقية عن إسحاق بن مالك، عن محمد بن إبراهيم، عن الحارث بن فضيل، عن جعفر بن عبد الله، عن ابن عمر مرفوعًا: "من أصابه داء في إحدى ثلاث لم يشف: أن يشرب قائمًا، وأن يمشي في نعل واحدة أو يشبِّك بين أصابعه" (١).

وهذا الحديث وإن كان مما لا يعتمد عليه لضعفه، فإن كان في الإجماع حجة على أن النَّهي عن الشرب قائمًا على غير وجه التحريم، منهم من أوَّله وذكر أبو الفرج الثقفي في "نصرة الصحاح" أنه أراد بقوله: قائمًا: ماشيًا، قال تعالى: {إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا} [آل عمران: ٧٥] أي: مواظبًا بالمشي عليه، والعرب تقول: قم في حاجتنا. أي: امش فيها.

ويقال: قام في هذا الأمر وقعد. وتكون علته أنه لا يتمكن من الشرب فندب الشارع إلى الطمأنينة للتمكن منه.

وذهب بعضهم -فيما حكاه القرطبي- إلى أن النهي عن ذلك؛ مخافة


(١) لم أقف عليه مسندًا.
وذكره صاحب "الكنز" (٤٤٣٥١) بلفظ: "من أصابه في الجن إحدى ثلاث .. ". الحديث وعزاه لابن جرير في "تهذيب الآثار" ولم أقف عليه في المطبوع منه. ثم قال: سنده ضعيف واهٍ، لا يعتمد على مثله.

<<  <  ج: ص:  >  >>