للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد قال أبو عمر، عن مالك: إذا أعيانا أمر ولا نعرف الناسخ فيه من المنسوخ نظرنا إلى فعل الشيخين، فعلمنا أنه الآخر من الأمرين (١)، فكيف بالصحابة الباقين وقد قال - عليه السلام -: "اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر" (٢) وهذا وإن لم يصلح للنسخ فيصلح لترجيح أحد الحديثين على الآخر، ويكون النهي هنا يقتضي التفرقة ومن خبَّر وهو ابن حزم وزعم أن حديث النهي نسخ الآخر بقوله: لا يحل الشرب قائمًا فأمَّا الأكل مباح، ثم قال: فإن قيل: قد صحَّ عن عليٍّ وابن عباس أنه - عليه السلام - شرب قائمًا.

قلنا: نعم، والأصل إباحة الشرب على كل حال من قيام وقعود وإضجاع، فلمَّا صحَّ النهي عنه قائمًا كان ذلك -بلا شك- ناسخًا للإباحة، مجال مقطوع به أن يعود المنسوخ ناسخًا ثم لا يثبته، وأقل ما في هذا على أصول المخالفين أن لا يترك اليقين للمظنون وهم على يقين من نسخ الإباحة السابقة، ولمَّ يأت في الأكل نهي إلاَّ عن أنس من قوله (٣). فيتوقف.

في قوله كما قدمنا للجهل بالتاريخ، ولأنه لا يصار إلى النسخ إلاَّ مع إمكان عدم الجمع بين الأحاديث.


(١) "التمهيد" ٣/ ٣٥٣ - ٣٥٤.
(٢) رواه الترمذي (٣٦٦٢)، وابن ماجه (٩٧) وأحمد ٥/ ٤٠٢ وغيرهم، وقال الترمذي: حسن. من حديث أبي حذيفة بن اليمان. وصححه الألباني في "الصحيحة" (١٢٣٣).
وفي الباب عن ابن مسعود، وأنس بن مالك، وعبد الله بن عمر وصحح الألباني الحديث بشواهده في "الصحيحة" (١٢٣٣).
(٣) "المحلى" ٧/ ٥١٩ - ٥٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>