وقد تحصلنا على معنيين: إمَّا أن يكون فيه حيوان، وفي معناه: قذى يبتلعه.
وإمَّا لنتن أفواهها، وقذى ضمها ابن العربي وذكره مالك عن النص. و (أبدى) بالباء وهو لئلا يغلبه الماء فيقع عليه أكثر من حاجته فيشرق أو يبتل ثيابه، وواحدها يكفي، ومجموعها أقوى في المعنى.
وشربه - عليه السلام -، قالوا: للضرورة، أو كانت حال ضرر لعدم الإناء، ولم يعط الحال التمكين من التفريع معه، لكن كان شربه في بيت وهي حالة تمكن لا ضرر أو لعلمه إنما شرب من إداوة.
والنهي محمول على القربة الكبرى ونحتاج إلى مزيد نقل من أهل اللغة، ثم إن شربه من فيها جائز لطيب نكهته وعصمته من أذى الحيوان وأمنه بتلطفه عن صب الماء، وقال المهلب: معنى هذا النهي -والله أعلم- على وجه الأدب؛ لجواز أن يكون في أفواهها حية أو بعض الهوام لا يراها الشارب فيدخل جوفه، وقد قيل: إن ذلك على سبيل التقذر؛ لأنه لا يدخلها فيه.
فائدة:
تقول العرب: خنثت السقاء وانخنث السقاء إذا مال، ومنه قيل للمخنث: مخنث؛ لتكسره وميله إلى شبه النساء.
فصل:
قوله:(يعني: تكسر أفواهها فيشرب منه).
قال الخطابي: أحسب هذا التفسير عن الزهري، ومن هنا اشتق المخنث؛ لتكسره وتثنيه.
وقوله:(أفواهها) جمع (فمًا) على أفواه؛ لأن أصل فم: فوه تقضب منه الهاء؛ لاستثقالهم اجتماع هائين في قولك: هذا فوهه بالإضافة،