للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: ١٧٣] فأحل للمضطر ما كان حرم عليه عند عدمه للغذاء الذي أمر الله باكتسابه والاغتذاء به، ولم يأمره بانتظار طعام ينزل عليه من السماء، ولو ترك السعي في طلب ما يتغذى به حتى هلك كان لنفسه قاتلا، وقد كان سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتلوى من الجوع ما يجد ما يأكله، ولم ينزل عليه طعام من السماء، وهو أفضل البشر، وكان يدخر لنفسه قوت سنة حتى فتح الله عليه الفتوح.

وقد روى أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن رجلا أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ببعير فقال: يا رسول الله، أعقله وأتوكل، أو أطلقه (وأتوكل؟) (١) قال: "اعقله وتوكل" (٢).

وأما اعتلالهم بحديث: "يدخل من أمتي الجنة سبعون ألفا بغير حساب .. " إلى قوله: "وعلى ربهم يتوكلون" فذلك إغفال منهم، فمعنى ذلك: الذين لا يكتوون معتقدين أن الشفاء والبرء بالكي دون إذن الله بالشفاء له به، فأما من اكتوى معتقدًا إذا شفاه الله بعلاجه أن الله هو الذي شفاه به فهو المتوكل على ربه التوكل الصحيح، ولا أحد يتقدم سيد هذِه الأمة في دخول الجنة ولا يسبقه إليها، وقال: "أنا أول من يقرع باب الجنة، فيقال لي: من أنت؟ فأقول: محمد، فيقول الخازن: ما أمرت أن أفتح لأحد قبلك" (٣).

قالوا: وقد كوى - صلى الله عليه وسلم - جماعة من أصحابه، كوى أبا أمامة أسعد بن


(١) ساقطة من الأصل.
(٢) رواه الترمذي (٢٥١٧).
(٣) بنحوه عند مسلم (١٩٧) كتاب: الإيمان باب في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنا أول الناس يشفع ..

<<  <  ج: ص:  >  >>