للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كذا هو بلفظ: والطاعون، والصحيح -كما نبه عليه القرطبي- أنه بـ (أو)، أي: لا يجمع ذلك عليهم، وأما الطبري فصححهما. بيانه: أن مراده بأمته المذكورين في الحديث إنما هم أصحابه؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - دعا لجميع أمته أن لا يهلكهم بسنة عامة، وأن لا يسلط عليهم أعداءهم، فأجيب إلى ذلك، فلا تذهب بيضتهم ولا معظمهم بموت عام، ولا يعدو على مقتضى هذا الدعاء أن يكون ما تأولناه- والدعاء المذكور في حديث أبي قلابة يقتضي أن يفنى جميعهم بالقتل والموت العام، فتعين أن يصرف الأول إلى أصحابه؛ لأنهم هم الذين اختار الله تعالى لهم الشهادة بالقتل في سبيله الذي وقع في زمنهم فهلك به بقيتهم. فعلى هذا: فقد جمع الله لهم الأمرين، فتبقى الواو على أصلها في الجمع، أو تحمل على التنويعية والتقسمية (١).

وسئلت عائشة عن الفرار منه فقالت: هو كالفرار من الزحف. وقد أسلفناه مرفوعا.

وسئل الثوري عن الرجل يخرج أيام الوباء بغير تجارة معروفة، قال: لم يكونوا (ليفعلوا ذلك) (٢)، ولا أحب ذلك.

فإن قلت: الأجل لابد من استيفائه، فما حكمة النهي عن الدخول وعن الخروج؟

قلت: حذرا أن يظن أن الهلاك كان من أجل القدوم، والنجاء من الفرار- كما سلف، وهو نظير الدنو من المجذوم والفرار منه مع الإعلام


(١) "المفهم" ٥/ ٦١٢، ولم ينكر القرطبي رواية الواو، وإنما نقله عن بعض العلماء، ثم قال: ويظهر لي أن الروايتين صحيحتا المعنى.
(٢) بياض في الأصل والمثبت من (ص ٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>