والحديث يدل على أنهما من الملائكة، وأبعد من قال: إن (ما) في {وَمَا أُنْزِلَ} نافية، وهو مذهب علي بن سليمان، وقال: المعنى: وما أنزل السحر على الملكين، ويكون {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ} أن يعلما ولم ينزل عليهما، ولا يصح، كما قاله الزجاج؛ لأن ما جاء في الحديث والتفسير في قصة الملكين أشبه.
وقال غيره: لم يتقدم أحد قال هذا، ولا ما يدل عليه فينفى، والحجة لمن قاله أن تكون الشياطين قالت ذلك.
قال أبو إسحاق: ومن جعل (ما) جحدًا جعل هاروت وماروت من الشياطين وجمعا على الجنس، أو لأن التثنيه جمع.
وقال الحسن: هاروت وماروت علجان من أهل بابل (١).
وقال علي: الملكان يعلمان تعليم إنذار لا تعليم دعاء. وعلى هذا أكثر اللغويين.
فصل:
زريق بتقديم الزاي على الراء.
وقوله: ("أشعرت أن الله أفتاني فيما استفتيته"). أي: أجابني فيما دعوته، سمى الدعاء استفتاء لأن الداعي طالب والمجيب مسعف، فاستعير أحدهما للآخر.
وقوله: ("جاءني رجلان"). أي: ملكان في صورة رجلين، وظاهره يقتضي أن يكون يقظة، وإن كان مناما فرؤياه وحي.
وقوله: ("ما وجع الرجل؟ قال: مطبوب، قال: من طبه؟ ")
(١) ذكره ابن قتيبة في "تأويل مختلف الحديث" ص ٢٧٠، ورواه ابن أبي حاتم في "التفسير" ١/ ١٨٩ عن الضحاك.