للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فصل:

وفيه المعنى الذي استحق به اسم الصديق بحبس نفسه عليه بقوله له: إني لأرجو أن يؤذن لي في الهجرة، فبادر إلى صدقه، ولم يرتب عالماً بحالته معه، وتحريه الصدق عليه، وتكلف النفقة على الراحلتين وأعد إحداهما له، وبذل ماله كما بذل نفسه في الهجرة معه، وكذلك قال - صلى الله عليه وسلم -: "ليس أحد أمن علي في نفسه وماله منه".

فصل:

وفيه: أن المرء (ينبغي) (١) له أن يتحفظ بسره ولا يطلع عليه إلا من تطيب نفسه عليه، لقوله للصديق: "أخرج مَنْ عندك" ليخبره بخروجه مخليًا به، فلما قال له الصديق: إنما هم أهلك، وعلم أن شفقتهم عليه كشفقة أهله، أطلعه حينئذٍ على سره، وأنه قد أذن في الخروج، فبدر الصديق وقال: الصحبة، قبل أن يسأله ذلك، وهذا من أبلغ المشاركة وأعظم الوفاء له.

فصل:

وقوله للصديق "ما ظنك باثنين الله ثالثهما" أي: بالحفظ والكلاءة، ولم يرد أنه يعلم مكانهما فقط، كما قال تعالى: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} الآية، ويدل أنه (أراد) (٢) الله ثالثهما بالحفظ قوله: {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا} أي: يكلؤنا ويحفظنا، ولو أراد يعلمنا لم يكن (له) (٣) ولا لصاحبه فضيلة على أحد من الناس، لأن


(١) من (ص ٢).
(٢) في (ص ٢): لو أراد.
(٣) في الأصل: فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>