للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفيه أيضًا: فساد قول من منع أن يتحيز بيته أويتحيز إلى حصن إذا خشي على نفسه، وقال: قد برئ من التوكل من فعل هذا؛ لأن الضر والنفع بيد الله، والله أمر نبيه بدخول الغار والاختفاء فيه من شرار خلقه، وكان سيد المتوكلين، وبأن أيضًا فساد قول من زعم أن من خاف شيئًا سوى الله لم يؤمن بالقدر، وذلك أن الصديق قال للشارع: لو أن أحدهم رفع قدمه لأبصرنا حذرا أن يكون ذلك من بعضهم فيلحقهما الضرر، وبذلك أخبر الله في قوله: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ} الآية، فلم يصفه ولا رسوله بذلك من قوله؛ لضعف اليقين (بل كان من اليقين) (١) لقضاء الله وقدره في المحل الأعلى، وكان الذي منه، مثل ما كان من موسى (إذ) (٢) أوجس في نفسه خيفة: {قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى (٦٨)}.

فصل:

فيه الدليل الواضح على ما خص الله به (صديق نبيه) (٣) من الفضيلة والكرامة ورفيع المنزلة عنده؛ لاختياره إياه دون باقي الأمة (لموضع سره) (٤) وخفي أموره التي كان يخفيها عن سائر أصحابه، ولصحبته في سفره، إذ لم يعلم أحد بكونه في الغار أيام مكثه فيه غيره وحاشيته من ولد له ومولى وأجير، (ولا صحبه في طريقه غيره) (٥)، وخصص له بذلك دون قرابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فتبين بذلك منزلته عنده، ودل به على اختياره إياه لأمانه ولأمانته عليه.


(١) من (ص ٢).
(٢) في (ص ٢): إذا.
(٣) في الأصل: (الصديق بنبيه).
(٤) في (ص ٢): بموضع ستره.
(٥) من (ص ٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>