للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وبللاً، قال الأصمعي: أي وصلتها وبدأتها بالصلة، وإنما شبهت قطيعة الرحم بالحرارة تطفئ بالبرد وقال الخطابي: بلالها بالفتح كالملال. وقال الهروي: البلال جمع بلل (١)، كجمل وجمال.

وقال ابن بطال: أبلها بمعروفها، والبل هو الترطيب والتندية بالمعروف، وشبه صلة الرحم بالمعروف بالشيء اليابس يندى فيرطب، وذلك أن العرب تصف الرجل إذا وصفته باللؤم بجمود الكف، فتقول: ما يندى كفه بخير وإنه لحجر صلد يعني: أنه لا يرجي نائله ولا يطمع في معروفه كما لا يُرجى من الحجر الصلد ما يشرب، فإذا وصل الرجل رحمه بمعروفه، قالوا: بل رحمه بلا وبلالا. قال الأعشى:

وَوِصالِ رِحمٍ قَد نَضَحتَ بِلالَها

وإنما ذلك تشبيه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلة الرجل رحمه بالنار يصب عليها الماء فَتُطْفَأ. قال المهلب: فقوله "لكن لهم رحم أبلها ببلالها"، هو الذي أمره الله في كتابه فقال: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: ١٥] فلما عصوه وعاندوه دعا عليهم فقال: "اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف" (٢) فلما مسهم الجوع أرسلوا إليه قالوا: يا محمد، إنك بعثت بصلة الرحم، وإن أهلك قد جاعوا، فادع الله لهم، فدعا لهم بعد أن كان دعا عليهم فوصل رحمه فيهم بالدعاء لهم، وذلك مما لا يقدح في دين الله، ألا ترى صنعه - عليه السلام - فيهم إذ غلب عليهم يوم الفتح، كما أطلقهم من الرق الذي كان توجه إليهم فسموا بذلك الطلقاء، ولم ينتهك حريمهم ولا استباح أموالهم ومنَّ عليهم، وهذا كله من


(١) ذكره ابن الأثير في "النهاية" ١/ ١٥٣ وعزاه لأبي موسى المديني.
(٢) سلف برقم (٤٧٧٤)، كتاب التفسير، باب: سورة الروم.

<<  <  ج: ص:  >  >>