للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لا نهاية له. قَالَ تعالى: {وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ} [البقرة: ٢٥٥] فما أخفاه عنهم فهو السر الذي استأثر به، فلا يحل تعاطيه، ولا يكلف طلبه، فإن المصلحة للعباد في إخفائه منهم، والحكمة في طيه عنهم إلى يوم تبلى السرائر، والله هو الحكيم العليم. قَالَ تعالى: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ} [المؤمنون: ٧١].

الثانية بعد الثلاثين: قوله: {وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} [الكهف: ٨٢] ظاهره أنه فعله بوحي من الله تعالى بذلك إليه، ويشهد لهذا وجوه من القصة.

منها: أنه لا يجوز لأحد أن يقتل نفسًا لما يتوقع وقوعه منها بعد حين مما يوجب عليها القتل لأن الحدود لا تجب إلا بعد وقوعها.

ومنها: أنه لا يقطع عَلَى فعل أحد قبل بلوغه، ولا يعلمه إلا الله؛ لأنه غيب.

ومنها: الإخبار عن أخذ الملك السفينة غصبًا، والإخبار عن بنيانه الجدار من أجل الكنز الذي تحته؛ ليكون سببًا إلى استخراج الغلامين لَهُ إِذَا احتاجا إليه؛ مراعاة لصلاح أبيهما، وهذا كله لا يدرك إلا بوحي. وفيه إذًا دلالة ظاهرة لمن قَالَ بنبوة الخضر.

الثالثة بعد الثلاثين: فيه من الفقه استخدام الصاحب لصاحبه ومتعلمه إِذَا كان أصغر منه، وأن العالم قَدْ يكرم بأن تقضى لَهُ حاجة، أو يوهب لَهُ شيء، ويجوز لَهُ قبول ذَلِكَ، لأن الخضر حُمل بغير أجرٍ، وهذا إِذَا لم يتعرض لذلك، وأنه يجوز للعالم والصالح أن يعيب شيئًا لغيره إِذَا علم أن لصاحبه في ذَلِكَ مصلحة.