للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والكنز جاء في حديث ابن عمر مرفوعًا عند الترمذي: أنه كان ذهبًا وفضة (١)، وروي من وجه آخر: أنه كان علمًا وحكمة (٢)، ويجمع (٣) بينهما بما روي: أنه كان لوحًا من ذهب مكتوب فيه بعد البسملة: عجبًا لمن أيقن أن الموت حق كيف يفرح؟ وعجبًا لمن أيقن بالقدر كيف يحزن، وعجبًا لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها؟ وعجبًا لمن عرف النار ثمَّ عصى، لا إله إلا الله محمد رسول الله (٤).

الحادية بعد الثلاثين: في هذِه القصة أصل عظيم من الأصول الشرعية، وهو أنه لا اعتراض بالعقل عَلَى ما لا يفهم من الشرع، وأن لا تحسين ولا تقبيح إلا بالشرع، ألا ترى إلى ظهور قبح قتل الغلام، وخرق السفينة في الظاهر.

ولذلك اشتد نكير موسى، فلما أطلعه الخضر عَلَى سر ذَلِكَ بان له وجه الحكم فيه فيجب التسليم لكل ما جاء به الشرع، وإن كان بعضه لا تظهر حكمته للعقول، فإن ذَلِكَ محنة من الله تعالى لعباده واختبار لهم؛ لتتم البلوى عليهم، ولمخالفة هذا ضل أهل البدع حين حكموا عقولهم وردوا إليها ما جهلوه من معاني القدر وشبهه.

وهذا خطأ منهم؛ لأن عقول العباد لها نهاية، وعلم الباري تعالى


(١) رواه الترمذي (٣١٥٢) عن أبي الدرداء، وليس عن ابن عمر، وقال: حديث غريب. والحديث قال عنه الألباني: ضعيف جدًّا.
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" ٨/ ٢٦٨ (٢٣٢٥٦ - ٢٣٢٦١) عن ابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد.
(٣) ورد بهامش الأصل تعليق نصه: لو قيل في الجمع أن اللوح من ذهب أو عكسه … كان أولى.
(٤) هذا الأثر رواه الطبري في "تفسيره" ٨/ ٢٦٨ (٢٣٢٦٣) عن الحسن، و ٨/ ٢٦٩ (٢٣٢٦٦) عن عمر. وابن أبي حاتم في "تفسيره" ٧/ ٢٣٧٥ (١٢٨٨٠) عن أبي ذر مرفوعًا.