ووجه الحديث الآخر:"من قال في يمينه باللات والعزى فليقل: لا إله إلا الله"(١) إنما هو على وجه الخطأ منه، قال أبو عبد الملك: عن الداودي: من قال في شيء كان فهو على غير الإسلام إن كان ذلك ويتعمد الكذب، ويطمئن قلبه بالكفر، فهو كذلك، ومن لم يرد الكفر وحلف كاذبًا فقد عظم ذنبه، وقارب الكفر. ومن حلف بذلك أن لا يفعل شيئًا، أو ليفعل، فليستغفر الله.
وقوله: ("وَمَنْ لَعَنَ مُؤْمِنًا فَهْوَ كَقَتْلِهِ") المراد أنه حرام كقتله لا أنهما سواء. قاله أبو عبد الملك. وقال الداودي: يحتمل أن يستوي إثمهما فيكون فيه القصاص والعقوبة بما جعل الله في ذلك، ولعله أن يكون بعض ذلك أشد من بعض كتفاضل القتلين.
وقوله: ("وَمَنْ قَذَفَ مُؤْمِنًا بِكُفْرٍ فَهْوَ كَقَتْلِهِ") قال أبو عبد الملك: فيه مثل الأول أن كل واحد منهما حرام وليسا متساويين في الإثم، وقال الطبري: يريد في بعض معناه، لا في الإثم والعقوبة، ألا ترى أن من قتل مؤمنًا عليه القود دون من لعنه فإنه الإبعاد من الرحمة والقتل إبعاد من الحياة وإعدام منها، التي بها يصير المؤمن كالبنيان، وعون بعضهم لبعض، وكذلك من رمى مُؤْمِنًا بِكُفْرٍ فَهْوَ كَقَتْلِهِ؛ لما أجمع المسلمون أن لا يقتل في رميه له بالكفر، علم أن التشبيه وقع بينهما في معنى يجمعهما، وهو ما قلناه.
وقوله: ("ومن قتل نفسه بشيء في الدنيا عذب به يوم القيامة") يريد: إن أنفذ الله عليه وعيده، قال الداودي: فقد يكون من عذاب
(١) سيأتي برقم (٦١٠٧) كتاب: الأدب، باب: من لم يرَ إكفار من قال هذا متأولًا أو جاهلاً.