للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإن قلت: فقد وصف - عليه السلام - العتل الجواظ المستكبر أنه من أهل النار، فبين لنا تكبره، على من هو؟ قيل: هو الذي باطنه منطوٍ على التكبر على الله، فهذا كافر لا شك في كفره، وذلك هو الكبر الذي عناه النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله، في حديث ابن مسعود: "لا يدخل الجنة من كان في قلبه (مثقال حبة) (١) من كبر".

والعتل: الجافي الغليظ، ومنه قوله تعالى: {عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ (١٣)} [القلم: ١٣] قال الفراء: إنه الشديد الخصومة بالباطل (٢). وعلى الأول أهل اللغة.

فإن قلتَ: فقد وصفت الكبر بغير ما وصفه به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وذلك أنك رويت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "الكبر من سفه الحق، وغمص الناس وازدرى الحق" (٣) ووصفت أنت الكبر: أنه التكبر على الله.

قيل: الكبر الذي وصفناه هو خلاف خشوع القلب لله، ولا ينكر أن يكون من الكبر ما هو استكبار على غير الله، والذي قلنا من معنى الكبر على الله، فإنه غير خارج من معنى ما روينا عنه، أنه من غمص الناس وازدراء الحق، وذلك أن معتقِد الكبر على ربه لا شك أنه للحق مزدرٍ وللناس أشد استحقارًا.

ومما يدل على أن المراد بمعنى الآثار في ذَلِكَ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما رواه الطبري، عن يونس، عن ابن وهب، عن عمرو بن الحارث أن


(١) في (ص ٢): ذرة.
(٢) "معاني القرآن" ٣/ ١٧٣.
(٣) رواه أحمد ٢/ ١٦٩ - ١٧٠، والبخاري في "الأدب المفرد" (٥٤٨)، والبزار في "مسنده" ٦/ ٤٠٧ - ٤٠٨ (٢٤٣٣) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص وليس فيهم قوله: "وازدرى الحق" وصححه الألباني في "الصحيحة" (١٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>