للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ وَغَضِبَ، حَتَّى وَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَخْبَرْتُهُ، ثُمَّ قَالَ: "قَدْ أُوذِيَ مُوسَى بِأَكثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَصَبَرَ".

الشرح:

قوله: ("ليس أحد أصبر") أوله ابن فورك على الحلم.

وقوله: (أما لأقولن) صوابه -كما قال ابن التين- أن تكون مخففة، ووقع في بعض الروايات بتشديد الميم، وليس ببين، والرب جل جلاله ذكر جزاء الأعمال وجعل لها نهاية وحدًّا فقال تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: ١٦٠] وجعل جزاء الصدقة في سبيله (فوق) (١) هذا فقال: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ} الآية [البقرة: ٢٦١]. وجعل أجر الصابرين بغير حساب، ومدح أهله فقال: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (٤٣)} [الشورى: ٤٣].

(وفي "صحيح مسلم" (٢): "والصبر ضياء") (٣) والصبر على الأذى من باب جهاد النفس وقمعها عن شهواتها ومنعها عن تطاولها، وهو من أخلاق الأنبياء والصالحين، وإن كان قد جبل الله النفوس على تألمها من الأذى ومشقته، ألا ترى أنه - عليه السلام - شق عليه تجوير الأنصاري له في القسمة حتَّى تغير وجهه وغضب، ثم سكن ذَلِكَ منه علمُه بما وعد الله تعالى على ذَلِكَ من جزيل الأجر، واقتدى - عليه السلام - بصبر موسى - عليه السلام - على أكثر من أذى الأنصاري له؛ رجاء ما عند الله.

وللصبر أبواب غير الصبر على الأذى.


(١) في (ص ٢): غير.
(٢) مسلم (٢٢٣).
(٣) من (ص ٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>