للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد روي هذا المعنى من حديث أبي ذر مرفوعاً: "لا يرمي رجلٌ رجلاً بالفسوق ولا يرميه بالكفر إلا (ارتدت) (١) عليه إن لم يكن صاحبه كذلك". ذكره البخاري في باب: ما ينهى عنه من السباب واللعن، في أول الأدب (٢).

قال المهلب (٣): وهذا معنى (تبويبه) (٤): من كفر أخاه بغير تأويل فهو كما قال، أن المكفر له هو الذي يرجع عليه إثم التكفير؛ لأن الذي رمي بها عند الرامي صحيح الإيمان، إذ لم يتأول عليه شيئًا يخرجه من الإيمان، فكما هو صحيح كصحة إيمان الرامي، فقد صح أنه أراد برميه له بالكفر كل من هو على دينه، فقد كفر نفسه؛ لأنه على دينه. ومتأوله في إيمانه فإن استحق ذَلِكَ الكفر المرمي به استحق مثله الرامي (به غيره) (٥).

وقد يجيب الفقهاء عن هذا بأن يقولوا: فقد كفر بحق أخيه المسلم، وليس ذَلِكَ مما يسمى به الجاحد حق أخيه كافرًا؛ لأنه لا يستحق اسم الكفر من جحد حق أخيه في بر أو مال.

قال: وقوله: "فقد باء بها أحدهما" هو على مذهب العرب في استعمالها الكناية في كلامها، وترك التصريح بالسوء، وهذا كقول الرجل لمن أراد أن يلزمه: والله إن أحدنا لكاذب، وعلى هذا قوله تعالى: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [سبأ: ٢٤].


(١) في (ص ٢): (ردت).
(٢) سلف برقم (٦٠٤٥).
(٣) نقله عنه والذي يأتي، ابن بطال ٩/ ٢٨٨ - ٢٨٩.
(٤) في الأصل: (يبوء به) والمثبت من (ص ٢).
(٥) من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>