للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد روى (معاذ بن جبل) (١) - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من كظم غيظًا وهو قادر على أن ينفذه، دعاه الله -عَزَّ وَجَلَّ- على رءوس الخلائق يوم القيامة حتَّى يخيره في أي الحور يشاء". (أخرجه أحمد من رواية معاذ بن أنس بإسناد ضعيف (٢). وأخرجه من وجه آخر بهذِه الطريق أبو داود وابن ماجه والترمذي وقال: حسن غريب) (٣) (٤).

وأراد - عليه السلام - بقوله: ("ليس الشديد بالصرعة") أن الذي يقوى على ملك نفسه عند الغضب، ويردها عنه هو القوي الشديد، والنهاية في الشدة؛ لغلبته هواه المردي الذي زينه له الشيطان المغوي، فدل هذا على أن مجاهدة النفس أشد من مجاهدة العدو؛ لأن النبي - عليه السلام - جعل للذي يملك نفسه عند الغضب من القوة، والشدة ما ليس للذي يغلب الناس؛ من هذا الحديث قال الحسن البصري حين سئل أي الجهاد أفضل؟ فقال: جهادك نفسك وهواك.

وفي حديث سليمان بن صرد أن الاستعاذة بالله من الشيطان تذهب الغضب؛ وذلك أن الشيطان هو الذي يزين للإنسان الغضب، وكل ما لا تحمد عاقبته؛ ليرديه ويغويه ويبعده من رضا الله تعالى، فالاستعاذة بالله منه من أقوى السلاح على دفع كيده.

وفي أبي داود من حديث عطية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إن الغضب من الشيطان، وإن الشيطان خلق من النار، وإنما تطفأ النار


(١) كذا بالأصل، وهو خطأ، والصواب معاذ بن أنس كما في مصادر التخريج.
(٢) "المسند" ٣/ ٤٤٠.
(٣) من (ص ٢).
(٤) أبو داود (٤٧٧٧)، والترمذي (٢٠٢١)، وابن ماجه (٤١٨٦)، وقال الألباني في "صحيح الترغيب" (٢٧٥٣): حسن لغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>