للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذِه الأحاديث ستأتي أيضًا، بأمره - عليه السلام - بالتيسير في الحدود والأحكام.

قال الطبري: ومعنى قوله: ("يسروا ولا تعسروا") فيما كان من نوافل الخير دون ما كان فرضًا من الله، وفيما (خيَّر) (١) الله سبحانه في عمله من فرائضه في حال العذر كالصلاة قاعدًا في حال العجز عن القيام، وكالإفطار في رمضان في السفر والمرض، وشبه ذَلِكَ مما رخص الله فيه لعباده وأمر بالتيسير في النوافل والإتيان بما لم يكن شاقًّا ولا فادحًا؛ خشية الملل لها ورفضها، وذلك أن أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل، وقال - عليه السلام - لبعض أصحابه: "لا تكن كفلان كان يقوم الليل فتركه" (٢).

وقال غير الطبري: من تيسيره - عليه السلام - أنه لم يعنف البائل في المسجد ورفق به، ومن ذَلِكَ قطع أبي برزة لصلاته واتباعه فرسه، وأنه رأى من تيسير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما حمله على ذَلِكَ. وجماعة الفقهاء يرون أن من كان في صلاة وانفلتت دابته أنه يقطع صلاته ويتبعها؛ لأن الصلاة تدرك إعادتها، ومسير دابته عنه قاطع له. وقد استوعبنا ذَلِكَ في الصلاة؛ لكن عندنا تصلى صلاة شدة الخوف (. . .) (٣).

وقال ابن التين: معنى: (قضى صلاته) ابتدأها، وهو صحيح إن كانت الدابة قريبة أمسكها وإلا قطع وأمسك وابتدأ.

قال الطبري: وفي أمره - عليه السلام - بالتيسير في ذَلِكَ معان: الأمان من الملال، ومن مخالطة العجب قلب صاحبه حتَّى يرى كأن له فضلاً على من قصر عن مثل فعله فيهلك؛ ولهذا قال - عليه السلام -: "هلك المتنطعون" (٤)


(١) في (ص ٢): (خفف).
(٢) سلف برقم (١١٥٢).
(٣) كلمة غير واضحة.
(٤) رواه مسلم (٢٦٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>