للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بمقامه فتكون الصدقة منه على وجه المن والأذى، فيبطل أجره، قال تعالى: {لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى} [البقرة: ٢٦٤].

فصل:

قوله: ("من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه") معناه: من كان إيمانه إيمانًا كاملاً، فينبغي أن يكون هذا حاله وصفته؛ فالضيافة من سنن المرسلين.

وقد سلف اختلاف العلماء في وجوبها، وأوجبها الليث بن سعد فرضًا ليلة واحدة، وأجاز للعبد المأذون له أن يضيف مما في يده، واحتج بحديث عقبة في الباب. وقال جماعة من أهل العلم: الضيافة من مكارم الأخلاق في باديته وحاضرته. وهو قول الشافعي. وقال مالك: ليس على أهل الحضر ضيافة. وقال سحنون: إنما الضيافة على أهل القرى، وأما الحضر فالفندق ينزل فيه المسافر (١). واحتج الليث أيضًا بقوله تعالى: {لَا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} [النساء: ١٤٨] أنها نزلت فيمن منع الضيافة، فأبيح للضيف لوم من لم يحسن ضيافته، وذكر قبيح فعله، وروي ذَلِكَ عن مجاهد (٢) وغيره. فيقال لهم: إن الحقوق لا يتضيف فيها بالقول وإنما يتضيف فيها بالأداء والإبراء، فلو كانت الضيافة واجبة لوجب عليهم الخروج إلى القوم مما لزمهم من ضيافتهم، وقوله: "جائزته يوم وليلة" دليل أن الضيافة ليست بفريضة، والجائزة في لسان العرب: المنحة والعطية. وذلك تفضل وليس بواجب.


(١) انظر: "الذخيرة" ١٣/ ٣٣٥.
(٢) "تفسير مجاهد" ١/ ١٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>