للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فاهجه" (١). أي: جاوبه، وهذا كقوله {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: ٤٠]؛ لأنه - عليه السلام - منزه عن البدء بالذم. والمهاجاة أن يجيب من هجاه. ومعنى: لأسلنك منهم: أخرجك نقيًّا من العيوب. وكان - عليه السلام - كذلك لم تمسه ولادة حرام من آدم إليه، وكان أعز قريش مجدًا وأشرفهم أبًا.

ومعنى (ينافح): يخاصم ويدافع، تقول العرب: نافحت عن فلان، ونفحت عنه: إذا خاصمت عنه، والمخاصمة، والمنافحة لا تكون إلا من اثنين؛ لأنها مفاعلة، وكل مفاعلة كذلك.

و"الرفث": الفحش من القول، تقول منه: رفث الرجل وأرفث.

وكان شعراء النبي - صلى الله عليه وسلم -: ابن رواحة، وحسان، وكعب بن مالك. وكان الذين يهجونه من قريش: عمرو بن العاصي، وعبد الله بن الزبعري، وأبو سفيان بن الحارث أخو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الرضاعة وابن عمه. قال الداودي: وفي حسان وصاحبيه نزلت: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [الشعراء: ٢٢٧] وسلف عن ابن عباس أنها نزلت في حسان وابن رواحة، وذكر أن المشركين لما هجوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما حق قوم نصروا رجلاً بأسيافهم إلا ينصروه بألسنتهم". فأتاه حسان وقد أخرج لسانه يضرب به أنفه وعلا لسانه فقال: والله لأفرينهم فري الأديم. فلما هجاهم، قال - عليه السلام -: "والذي نفسي بيده إنه لأشد عليهم من رشق النبل" (٢). وهجاه واحد، فقال - عليه السلام -: "إني لا أحسن الشعر، فالعنه بكل بيت لعنة" (٣).


(١) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" ٤٦/ ١١٨.
(٢) رواه الطبراني ٤/ ٣٨ (٣٥٨٢)، والبيهقي في "السنن" ١٠/ ٢٣٨.
(٣) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" ٢٥/ ١٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>