وعلى المرء أن يسعى لصلاح كل عضو من أعضاء جسده سعيه لبعضها، فكذلك عليهم في إخوانهم في الدين، وشركائهم في الملة، وأنصارهم من الأعداء من نصرهم وعوضهم مثل ما عليهم ذلك في أنفسهم لأنفسهم إذ كان بعضهم عونًا لبعض، وجميعهم يد على العدو، ولذلك خاطبهم ربنا في كتابه فقال:{وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}[النساء: ٢٩].
إذ كان القاتل منهم غيره بمنزلة القاتل نفسه، ولم يقل لهم: لا يقتل بعضكم بعضًا؛ إذ كان المؤمن لأخيه المؤمن بمنزلة نفسه في التعاون على الذكر والتقوى، يؤلم كل واحد منهما ما يؤلم الآخر، ألا ترى أن الله تعالى نهى المؤمنين أن يلمز بعضهم بعضًا، وأن يتنابزوا بالألقاب، قال تعالى:{وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ}[الحجرات: ١١] فجعل اللامز أخاه لامزًا نفسه، إذ كان أخوه بمنزلة نفسه، ومعلوم أنه لا أحد صحيح العقل يلمز نفسه، فعلم أن معناه: لا يلمز أحدكم أخاه المؤمن، وإنما الإبرار بقوله:{وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ}[المائدة: ٨٩] ومنها ما يكون بتركه غير عاص، وهو ابتداء السلام والعيادة، ومنها ما يكون فرضًا في بعض الأحوال وفضلًا في بعضها، وهو شهود الجنازة، إذا لم يكن لها قيم أو يكون ولا يستغنى عن حضوره إياها. وتشميت العاطس عند الحمد فهو فرض كفاية على الجميع، كذا قال: وإنما هو سنة كفاية.
وأما التي فرض في بعض الأحوال دون بعض وفضل في بعضها فشهود جنازة الأخ المؤمن، فالحال التي هو فيها فرض إذا لم يكن لها قيم غيره كما مر، وذلك أن الذي يلزم من أمر موتى المسلمين للأحياء غسلهم وتكفينهم والصلاة عليهم ودفنهم، وذلك فرض على