للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت: كلاهما صحيح، ولا تناقض بينهما، فالثاني في المستدين الذي ينوي قضاء دينه، وعنده في الأغلب ما يقضيه، فالله في عونه على قضائه، والأول الذي استدان على ثلاثة أوجه: إما فيما يكرهه الله، ثم يجد سبيلًا إلى قضائه، فحق على الله أن يؤديه، أو فيما لا يكرهه، ولكن لا وجه عنده لقضائه إن طالبه به صاحبه، فهو معرض لهلاك أموال الناس، ومتلف لها، أو نوى ترك القضاء وعزم على الجحد فهو عاصٍ لربه وظالم لنفسه -نبه عليه الطبري- فكل هؤلاء في القضاء مخلفون، وفي حديثهم كاذبون، فكان معلومًا بذلك أن الحال التي كره فيها - عليه السلام - الدين غير الحال التي ترخَّص لنفسه فيها، وذلك أنه مات ودرعه مرهونة عند يهودي بعشرين صاعًا من شعير.

وأما فتنة الغنى فيخشى منها بطر المال وما يئول من عواقب الإسراف في إنفاقه وبذله فيما لا ينبغي، ومنع حقوق الله فيه، ففتنة الغنى متشعبة إلى ما لا يحصى عده، وكذلك فتنة الفقر يخشى منها قلة الصبر على الإقلال والتسخط له وتزيين الشيطان للمرء حال الغنى، وما يئول من عاقبة ذلك لضعف البشرية.

وكذلك الاستعاذة من العجز والكسل؛ لأنهما يمنعان العبد من أداء حقوق الله تعالى وحقوق نفسه وأهله، وتضييع النظر في أمر معاده وأمر دنياه، وقد أمر المؤمنين بالاجتهاد في العمل، والإجمال في الطلب، وألا يكون عالة ولا عيالًا على غيره ما متع بصحة جوارحه وعقله.

وكذلك الجبن مهانة في النفس وذلة، ولا ينبغي للمؤمن أن يكون


= "صحيح سنن ابن ماجه" (١٩٥٣).
ورواه البزار ٦/ ٢٠٢ (٢٢٤٣)، والحاكم ٢/ ٢٣ دون قول جعفر. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

<<  <  ج: ص:  >  >>