من الموت؛ لأن المغلوب يصير كالعبد من غلبة قهره، وكذلك البخل استعاذ منه؛ لقوله تعالى:{وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[الحشر: ٩]، وقال - عليه السلام -: "وأي داء أدوى من البخل"(١) ومعنى ذلك: أن البخيل يمنع حقوق الله وحقوق الآدميين ويمنع معروفه ورفده، ويسيء عشرة أهله وأقاربه.
فإن قلت: قد دعا - عليه السلام - بالمفصلات والجوامع، وكان السلف يستحبون الدعاء إلى الله بالجوامع كنحو الرغبة والخوف والعفو والعافية والمعافاة في الدنيا والآخرة، اكتفاء منه بعلم الله بموضع حاجتهم ومبلغًا؟
قيل: لكل نوع من ذلك حالة يختار العمل به فيها على الآخر، فالجوامع تحتاج في حال الحاجة إلى الإيجاز والاقتصاد، والمفصلات بالأسماء والصفات في حالة الحاجة إلى إدامة الرغبة إلى من بيده مفاتيح خزائن السموات والأرض؛ استفتاحًا بذلك مغاليقها، وقد دعا - عليه السلام - بكل ذلك في مواضعه.
(١) رواه البخاري في "الأدب المفرد" (٢٩٦) من حديث جابر، وصححه الألباني، ورواه الحاكم في "المستدرك" ٣/ ٢١٩ من حديث أبي هريرة، وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.