للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ثامنها:

قوله: "فَمَنِ اسْتَطَاعَ .. " إلى آخره اقتصر فيه على ذكر الغرة دون التحجيل، وإن ذكر معها في رواية أخرى في "الصحيح" للعلم به (١)، فهو من باب قوله: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} [النحل: ٨١] ولم يذكر البرد للعلم به.

وقال الشيخ تقي الدين القشيري: كأنَّ ذَلِكَ من باب التغليب بالذكر لأحد الشيئين عَلَى الآخر، (إن) (٢) كانا كسبيل واحد للترغيب فيه، وقد استعمل الفقهاء ذَلِكَ فقالوا: يستحب تطويل الغرة، ومرادهم الغرة والتحجيل (٣).

وهذا ليس تغليبًا حقيقيًّا إذ لم يؤت فيه إلا بأحد الاسمين، والتغليب: اجتماع الاسمين أو الأسماء وتغليب أحدهما عَلَى الآخر نحو: القمرين، والعمرين وشبههما.

ثمَّ القاعدة في التغليب أن يغلب المذكر عَلَى المؤنث لا بالعكس، والأمر هنا بالعكس لتأنيث الغرة وتذكير التحجيل، ويجاب أيضًا بأنها خصت بالذكر؛ لأن محلها أشرف أعضاء الوضوء، ولأنه أول ما يقع عليه البصر يوم القيامة.

ونقل ابن بطال عن بعضهم أنه كنى بالغرة عن التحجيل معللًا بأن الوجه لا سبيل إلى الزيادة في غسله (٤)، وهذا غريب عجيب.


(١) "صحيح مسلم" (٢٤٦/ ٣٠) كتاب: الطهارة، باب: استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء.
(٢) في "الأصول": (وإن) والمثبت من "الإحكام".
(٣) "إحكام الأحكام" ص ٩٦.
(٤) "شرح ابن بطال" ١/ ٢٢٢.