الرسل إليهم، والأسنان أربعة: سن الصبا: وهو الذي يكون فيه دائم النمو، وهو إلى خمس عشرة سنة، وسن الشباب: وهو الذي يتكامل فيه النمو ومبتدأ الوقوف، كأن القوة وقفت فيه، ومنتهاه في غالب الأحوال خمس وثلاثون سنة، وقد بلغ أربعين ثم منها يأخذ في النقص، قال الشاعر:
كأن الفتى يرقى من العمر سلما … إلى أن يجوز الأربعين وينحط
وسن الكهولة وهو الذي قد يبين فيه الانحطاط والنقصان مع بقاء من القوة، ومنتهاه في أكثر الأحوال ستون سنة، فمن بلغ الستين انتهى، وأثر فيه ضعف القوة، وجاءته نذر الموت، ودخل في سن المشايخ، ومن ذلك الزمان يزيد انحطاطه، ويقوى ظهور الضعف إلى آخر العمر، وقد قال يحيى بن يمان: سمعت سفيان بن سعيد يقول: من بلغ سن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فليرتد لنفسه كفنًا.
وروي عن علي وابن عباس وأبي هريرة في الآية السالفة {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ}[فاطر: ٣٧] قال: يعني ستين سنة، وعن ابن عباس أيضًا: أربعون، وعن الحسن البصري ومسروق مثله، وحديث أبي هريرة في الباب حجة لقول علي ومن وافقه في تأويل الآية، وقول من قال: أربعون سنة له وجه صحيح أيضًا، والحجة له قوله تعالى {حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً}[الأحقاف: ١٥] فذكر الله تعالى: أن من بلغ الأربعين فقد آن له أن يعلم مقدار نعم الله عليه، وعلى والديه، ويشكرها.
قال مالك: أدركت أهل العلم ببلدنا وهم يطلبون الدنيا والعلم، ويخالطون الناس حتى يأتي لأحدهم أربعون سنة، فإذا أتت عليهم اعتزلوا الناس، واشتغلوا بالعبادة حتى يأتيهم. فبلوغ الأربعين نَقْلُ