للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حاله مسبوقا في الآخرة لما حضَّ الشارع على أن يتنافس (١) في عمله، ولحض أبا لبابة على الحالة التي يسبق بها إلى الجنة، ألا ترى قوله في حديث: "الخيل لثلاثة: لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر، فالذي عليه وزر فرجل ربطها فخرًا ورياء ونواء لأهل الإسلام" (٢)، فهذا من المحبوسين للحساب. والأولان فهو كفافهما، غير أن آفات الغثى أكثر، والناجون من أهل الغنى أقل؛ إذ لا يكاد يسلم من آفاته إلا من عصمه الله؛ فلذلك عظمت منزلة المعصوم فيه؛ لأن الشيطان يسول فيه إما في الأخذ بغير حقه، أو الوضع في غير حقه، أو في منعه من حقه، أو في (التجبر) (٣) والطغيان من أجله، أو في قلة الشكر عليه، أو المنافسة فيه إلا ما لا يبلغ صفته.

فصل:

قال المهلب: دخول الفقراء قبل الأغنياء بالمدة المذكورة ليس فيه تفضيل للفقر؛ لأن تقديم دخولها لا تستحق به فضيلة؛ ألا ترى أنه - عليه السلام - أفضل البشر ولا يتقدم بالدخول (٤) فيها حتى يشفع في أمته، وكذلك صالح المؤمنين يشفعون في قوم دونهم في الدرجة، وإنما ينظر يوم القيامة بين الناس فيتقدم الأقل حسابًا فالأقل. فلذلك قدمت الفقراء؛ لأنه لا غلبة عليهم في حساب الأموال، فيدخلون الجنة قبل الأغنياء، ثم يحاسب أصحاب الأموال فيدخلون الجنة، وينالون فيها من


(١) من (ص ٢).
(٢) سلف برقم (٢٨٦٠) كتاب: الجهاد والسير، باب: الخيل لثلاثة.
(٣) في الأصل: الفخر. والمثبت من (ص ٢).
(٤) ورد بهامش الأصل: هذا الكلام فيه نظر، ومع ذلك هو أول من يقرع باب الجنة، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>