للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فلم يدع له بكثرة المال إلا وقد قرن ذلك بقوله: "وبارك له فيما أعطيته" (١).

فإن قلت: فأي الرجلين أفضل المبتلى بالفقر أو بالغنى إذا صلحت حال كل واحد منهما؟ قيل: السؤال عن هذا لا يستقيم، إذ قد يكون لهذا أعمال سوى تلك المحنة يفضل بها صاحبه وللآخر كذلك، وقد يكون هذا الذي صلح حاله على (الفقر لا يصلح حاله على) (٢) الغنى، ويصلح حال الآخر على الفقر والغنى.

فإن قلت: فإن كان كل واحد يصلح حاله في الأمرين، وهما في غير ذلك من الأعمال متساويان قد أدى الفقير ما يجب عليه في فقره من الصبر والعفاف والرضا، وأدى الغني ما يجب عليه من الإنفاق والبذل والشكر والتواضع، فأي الرجلين أفضل؟ قيل: عِلْمُ هذا عند الله تعالى.

فصل:

وأما قوله: ("وأصحاب الجد محبوسون") فإنما يحبس لهذا أهل التفاخر والتكاثر: وأما من أدى حق الله في ماله، ولم يرد به التفاخر، وأرصد باقيه لحاجته إليه، فليس أولئك بأولى منه في السبق إلى شيء.

ويدل على هذا الحديث السالف: "لا حسد إلا في اثنتين: رجل أتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق". فيبين أنه لا شيء أرفع من هاتين الحالتين، وهو المبين عن الله (معنى) (٣): ما أراد، ولو كان من هذِه


(١) سلف برقم (٦٣٤٤)، كتاب: الدعوات، باب: دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - لخادمه بطول العمر ويكثر ماله.
(٢) من (ص ٢).
(٣) في الأصل جزئت الكلمة إلى كلمتين غير مقروءتين، وما أثبتناه من "شرح ابن بطال" ١٠/ ١٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>