بتوهمه أن ذلك تأويلها، ولو صحت لكان تأويلها غير تأويله، بل لا يصح تأويله أصلاً.
ثم أتى بأشعار احتج بها على الشريعة، ثم بحكايات وأوصاف ليست بحجج ولا دلائل؛ بل هي خطب وتواريخ ومحن، فلسنا نقول: أن الغنى مكروه؛ بل هو مباح، وإنما الكلام في الأفضل، فمما قاله: زعم أنه - عليه السلام - روي عنه -بغير سند ولا إمام- أنه تعوذ من الفقر، ثم فسر ذلك بأنه لا يجوز أن يكون فقر النفس، وإنما هو فقر المال، وادعى أن له على ذلك شواهد كثيرة: منها:
أنه كان يقول في دعائه:"اللهم إني أعوذ بك من غنى يبطر وفقر مرب أو ملب". وهو الملاصق بالأرض.
وكذلك قوله:"لا غنى يطغي ولا فقر ينسي" وفسره فقال: دعا بالتوسط في الحد، فتدبروا قوله.
هذا تأويله، فما أبعده مما قاله واعتقده، وحسب أن هذا له دليلٌ، وهو عليه حجة؛ وذلك أنه ذكر حديثًا لا يعرف، وقصد إلى الشواذ ثم جعله حجة في تفضيل الغنى، ولو صح ما كان في مثل هذا الغنى، ولا في مثل هذا الفقر، وكلاهما مرديان؛ لأن الغني المبطر قد عصى الله به، والفقير المنسي قد نسي الله فعصاه، قال تعالى:{نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ}[التوبة: ٦٧] وإنما الكلام في الغنى الذي لا يبطر، والفقر الذي لا ينسي. فمن قال مثل قوله هذا: هل مَرَّ به من إنعام النظر مثقال ذرة؟!:
ثم فسره أيضًا بأن الفقر الذي استعاذ منه إنما هو فقر المال دون فقر النفس برواية وبغير رواية، والأولى على ظاهر الحديث أن يكون استعاذ من فقر النفس دون المال بدلالة الحديث الثابت: