للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ونعيمه، ما أبان عن فضل الزهد في الدنيا وأخذ البلغة والقوت خاصة، وكان نبينا - عليه أفضل الصلاة والسلام - يطوي الأيام، ويعصب على بطنه الحجر من الجوع، إيثارًا منه شظف العيش والصبر عليه، مع علمه بأنه لو سأل ربه أن يسير له جبال تهامة ذهبًا وفضة لفعل، وعلى هذِه الطريقة جرى الصالحون.

ألا ترى قول أبي هريرة - رضي الله عنه -: أنه كان يشد الحجر على بطنه من الجوع، وخرج يتعرض من يمر به من الصحابة يسأله عن آي من القرآن ليحمله ويطعمه (١).

فصل:

وفيه: أنَّ كتمان الحاجة خير من إظهارها، وأشبه بإخلاص الصالحين والصابرين، وإن كان جائزًا له الإخبار بباطن أمره وحاجته لمن يرجوه لكشف فاقته.

فصل:

وهذا الحديث علم عظيم من أعلام النبوة؛ وذلك أنه - عليه السلام - عرف ما في نفس أبي هريرة، ولم يعلم ذلك أبو بكر ولا عمر - رضي الله عنهما -. وفيه: شرب العدد الكثير من اللبن القليل حتى شبعوا ببركة النبوة (٢)، وذلك من أعلامها أيضًا.

فصل:

وفيه أيضًا: ما كان عليه - عليه السلام - من إيثار البلغة، وأجود العرب في كرم نفسه؛ وأنه لم يستأثر بشيء من الدنيا دون أمته.


(١) "شرح ابن بطال" ١٠/ ١٧٦.
(٢) السابق ١٠/ ١٧٦ - ١٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>