للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العمل وإن قل، خشية الانقطاع عن العمل الكثير، فكأنه رجوع عن فعل الطاعات، وقد ذم الله ذلك، ومدح من أوفى بالنذر.

وقد سلف بيان هذا المعنى في أبواب صلاة الليل من كتاب الصلاة.

فإن قلت: إن قول عائشة - رضي الله عنها -: لم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخص شيئًا من الأيام بالعمل يعارضه قولها: ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكثر صيامًا منه في شعبان (١). قيل: لا تعارض بينهما، وذلك أنه - عليه السلام - كان كثير الأسفار في الجهاد، فلا يجد سبيلًا إلى صيام الثلاثة الأيام من كل شهر، فيجمعهما في شعبان.

ألا ترى إلى قول عائشة - رضي الله عنها -: كان يصوم حتى نقول: لا يفطر، ويفطر حتى نقول: لا يصوم (٢)، فهذا يبين أنه لم يخص شيئًا من الزمان، إنما كان يوقع العبادة على قدر نشاطه وفراغه من جهاده وأسفاره، فيقل مرة ويكثر أخرى، وقد قيل في معنى (كثرة صيامه في شعبان وجوهٌ أخرى) (٣)، قد ذكرتها في باب: صوم شعبان في كتاب الصيام، فإن قلت: فما معنى ذكر حديث أنس في هذا الباب؟ قيل: معناه أن يوجب ملازمة العمل وإدمانه ما مثل له من الجنة للرغبة، ومن النار للرهبة، فكان في ذلك فائدتان:

إحداهما (٤): ينبغي للناس أن يتمثلوا الجنة والنار بين أعينهم إذا وقفوا بين يدي الله تعالى، كما مثلهما الله لنبيه، وشغله بالفكرة


(١) سلف برقم (١٩٦٩) كتاب: الصوم، باب: صوم شعبان.
(٢) انظر الهامش السابق.
(٣) في الأصل: إن صيامه في شعبان أجوبة أخر. والمثبت من (ص ٢).
(٤) في الأصل: إحداها والمثبت من (ص ٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>